Monday, February 5, 2007

كيف ضاعت هوية مصر؟؟

إن المتأمل في عبقرية مكان مصر يجد أن مكاننا الاستراتيجي أهلنا كمصريين لأن نري العالم اجمع ولكي يرانا العالم أجمع وقد أهلنا أيضا لأن نحتل مكان الصدارة والقيادة على ثلاث دوائر متداخلة وهم الدائرة العربية والدائرة الإسلامية والدائرة الإفريقية و ظلت مصر هي حلقة الوصل بين تلك الدوائر وظلت هي ترمومتر أداء هذه الدوائر على المحافل الدولية جميعها
والمتأمل في إرث أي أمة يجد أن أغلى ما تمتلكه أي أمة هو الدين ثم اللغة ولكن مصر كدولة غيرت دينها ولغتها ثلاث مرات فأولا كان دينها هو عبادة الفرعون وتعدد الآلهة واللغة الفرعونية ثم الدين المشيحي واللغة القبطية ثم أخيرا الدين الإسلامي واللغة العربية ، ومع كل هذه التقلبات الحادثة على مر التاريخ نجد الشخصية المصرية محتفظة بهويتها لم تتغير ولم تتزعزع بل كانت مساهمة بشكل كبير في إثراء كل دين أو لغة اعتنقتها وإذا أخذنا اللغة العربية مثلا نجد مثلا أن التطوير في مدارس الشعر العربي كله كان رواده مصريين أمثال البارودي وشوقي وناجي أو من الشوام الذين تأثروا بمصر أمثال جبران خليل جبران ومطران خليل مطران وإيليا أبو ماضي
ظلت الشخصية المصرية محتفظة بعبقريتها الوسطية فلم تنحل تماما كالنموذج الغربي ولم تتشدد تماما كنموذج الجزيرة العربية وإنما أنشأت نموذجا فريدا خاصا بها جمع بين ما هو حسن في الغرب من ذوق رفيع نعترف به وأناقة نشهد لها من غير أن نتحول لمسوخ ، وما هو حسن من الشرق من التزام بالأصالة وعودة للأصول وإجلال علماء الدين والاحتفاء بهم و حب الدين والالتزام به بلا تشدد أو تعصب
لكن للأسف نجد الآن محاولات ضارية لمسخ هذه الهوية وتمزيقها وإني لأنتحب كمدا حين أعترف وأقر أن هذه المحاولات تبدو ناجحة إلى حد بعيد فأصبح الدين عندنا صورة وأصبحنا نستقي كل فتاوينا من علماء ومشايخ السعودية وهم يفتون بم يناسب جغرافيتهم وتراثهم الصحراوي و نسينا أن من علماء مصر من كان يدرس العلوم الشرعية في جامعاتهم كالشيخ سيد سابق وغيره كثيرين .أصبح التحضر عندنا يقاس بمدى تقليد الغرب وبكم الكلمات الغربية التي "تحشرها" في كلامك بمناسبة أو بغير مناسبة .
كل ذلك كان نتاجه تذويب للهوية المصرية وتغييب لدور الريادة الذي تمتعت به مصر على كافة الأصعدة فنجد أننا في الموسيقى مثلا نشهد إسفافا لم نصادفه من قبل على كل المستويات (الكلمة واللحن والصوت) فنجد الكلام -لامؤاخذة- كلام "حشاشين" بيتكتب على القهاوي والملحن أصبح يلحن "ببقه" لامؤاخذة والصوت طبعا لا كلام عليه فنجد أن أقل القليل يغني والباقى "بيكاكي" في وشنا وتحولنا من "وأنا كل ما أقول التوبة" إلى "بحبك ياحمار" ومن عمالقة الغناء الشعبي أمثال عبد المطلب و رشدي و العزبي إلي سعد لامؤاخذة الصغنن الذي لاهو بيغني ولا هو شعبي وبصراحة "حاجة تقرف" فعلا إسفاف يصيبك بأنفلونزا الطيور
وربنا يكفينا ويكفيكم الشر
ونتواصل فيما بعد

No comments: